تعيش محافظة لحج، وتحديدًا مناطق وقرى مديريتي الحوطة وتبن، مأساة حقيقية في ظل تردي خدمات الاتصالات والإنترنت، التي أصبحت كابوسًا يلاحق آلاف المواطنين. فبين ضعف التغطية، وشح نقاط الإنترنت التي تُباع بـ"السمسرة" لا بالاحتياج، وسلبية العاملين في سنترالات يمن نت، يجد الأهالي أنفسهم في مواجهة جشع لا حدود له من قبل أصحاب شبكات الإنترنت الخاصة، الذين حولوا حاجة الناس الماسة إلى فرصة للثراء السريع على حساب معاناتهم.
"يمن نت" خذلتنا و"فور جي" غائبة!
لطالما كانت خدمة "يمن نت" هي الخيار الوحيد المتاح، لكنها تعاني من ضعف فاضح في سرعة الإنترنت، وهي مشكلة مزمنة لم تُحل منذ سنوات رغم الشكاوى المتكررة.
وما زاد الطين بلة، هو حرمان مديريتي الحوطة وتبن من خدمة "فور جي" المقدمة من "يمن موبايل" بسبب خلافات وتضاربات مجهولة، لتُغلق بذلك آخر بصيص أمل أمام المواطنين في الحصول على خدمة اتصالات لائقة.
"ستارلينك": حلم تحول إلى كابوس جديد!
في خضم هذا اليأس، جاءت خدمة "ستارلينك" كبارقة أمل، ظن الناس أنها ستنهي سنوات من الاستغلال والانتهازية. لكن سرعان ما تبدد هذا الأمل، فأسعار أجهزة "ستارلينك" وباقاتها الخيالية جعلتها حكرًا على الأثرياء، في ظل ظروف معيشية قاهرة يعيشها غالبية سكان لحج.
وهنا، ظهرت فئة جديدة من "تجار الأزمات"، ممن اشتروا أجهزة "ستارلينك" وبدأوا ببيع الخدمة للمواطنين بأسعار مقبولة في البداية، تحت وطأة الحاجة والاضطرار. لكن هذا القبول لم يدم طويلًا، اذا انه وبشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، قرر أصحاب هذه الشبكات تخفيض حجم الجيجا بايت إلى ميجا بايت، وقصروا مدة الاستخدام على 24 ساعة فقط، مع سحب الرصيد بعد انتهاء المدة. فعلى سبيل المثال، أصبح كرت الـ 400 ميجا بايت يُباع بألف ريال يمني، وينتهي مفعوله خلال 24 ساعة فقط!
"أخطبوطات" الإنترنت تلتهم لحج: غياب المنافسة يفاقم الأزمة!
لم يقتصر الأمر على جشع الأسعار وسوء الخدمة، بل تحول ملاك الشبكات الخاصة إلى "أخطبوطات" تسيطر على مناطق واسعة في لحج. فبات من المعتاد أن تجد مالك شبكة واحدة يمتلك شبكات منتشرة في الفيوش وصبر وبئر ناصر والحوطة والكلية، مما أدى إلى غياب المنافسة الحقيقية التي من شأنها أن تعود بالنفع على المواطن. هذا الاحتكار أثر سلبًا على مستوى الخدمة وأسعارها، فمع تعدد الشبكات لمالك واحد، نجدها تنقطع في بعض المناطق لساعات وأيام، بسبب انشغال المالك بمناطق أخرى، وتجاهله للمناطق الأقل أهمية بالنسبة له.
جشع بلا رقيب ولا حسيب!
لقد وصل جشع أصحاب هذه الشبكات إلى مستويات غير مسبوقة، فأصبح الثراء عليهم واضحًا للعيان، بينما يعاني المواطنون الأمرين. هذا الاستغلال البشع لحاجة الناس، الذي لا يرضاه عاقل، يتم في ظل غياب تام للرقابة والمساءلة. فأصحاب هذه الشبكات لا يخضعون لوزارة الاتصالات ولا للسلطة المحلية في المحافظة، مما يمنحهم حصانة غير مبررة لمواصلة انتهاكاتهم.
الشكاوى اليومية تتوالى من بشاعة الاستغلال، فبينما تقدم الشركة الأم لـ"ستارلينك" ميزات سخية، يقوم هؤلاء "الأباطرة" بتحويل الجيجا بايت إلى ميجا بايت، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتجاهلون شكاوى المشتركين والمستخدمين، ويتعاملون معهم بلغة التعالي والكبرياء، وكأنهم فوق القانون.
نداء عاجل لإنقاذ لحج!
ويعيش اصحاب الشبكة الخاصة في لحج وتحديدًا في الحوطة وصبر وجلاجل والفيوش والمحلة وبيت عياض في عزلة تامة عن شكاوى الناس، بينما هم حاضرون بقوة عند نهب جيوبهم بمنحهم بضعة ميجا بايت بآلاف الريالات تنفد خلال سويعات.
مناشدة لإيلون ماسك: "أنقذوا لحج من جشع التجار!"
وفي ظل هذا الوضع المتردي، ناشد السكان إيلون ماسك، مالك شركة "سبيس إكس" التي تشغل "ستارلينك"، بتوفير خدمة الإنترنت في مناطقهم بأسعار معقولة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.
وتأتي هذه المناشدة في وقت كانت فيه الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا قد وقعت في يناير/كانون الثاني 2024، اتفاقية مع "ستارلينك" لتقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في مناطق نفوذها، مما يثير تساؤلات حول مدى التزام الشركة بتوفير الخدمة بأسعار عادلة للمواطنين في المناطق المتضررة.
فهل تتحرك وزارة الاتصالات في عدن ، ومعها السلطة المحلية في لحج ، لضبط انفلات أسعار خدمات شبكات الاتصالات؟ وهل تتعاون الجهات المعنية لتوفير بدائل تحمي المواطنين من جشع أصحاب الشبكات الخاصة وتخفف من معاناة الناس هناك؟ وتضع حدًا لتغول أصحاب الشبكات ؟ أم أن تفعيل خدمة "فور جي" في قرى ومناطق مديريتي تبن والحوطة هو الحل الوحيد لإنهاء هذه المعاناة المستمرة؟
إنها صرخة استغاثة من لحج، تنتظر من يلبيها رحمة بالسكان الذين يعانون جراء افتقاد المحافظة للكثير من الخدمات.