برحيلك يا أبا يحيى ، لا نفقد شخصًا عزيزًا فحسب، بل نودّع تاريخًا مكتوبًا بالحروف النبيلة والمواقف العظيمة، نودّع رجلًا لم يكن عابرًا في حياة الناس، بل كان وطنًا صغيرًا يسير بينهم، محملًا بالشعر، مشبعًا بالنضال، مغمورًا بالعطاء.
في لحظةٍ موجعة، وفي يومٍ لن يُنسى، رحل عن دنيانا المناضل الأكتوبري الجسور، والجريح والشاعر الإنسان، علي منصور عبدالله اليوسفي الكلدي، بعد صراعٍ مع المرض، وبعد عمرٍ من النضال الصادق والكلمة الهادفة والمواقف الثابتة.
المناضل الجسور... رمز من رموز الوطن،
الفقيد لم يكن مجرد اسم في سجل الحياة، بل كان من الأسماء المضيئة في تاريخ الوطن الجنوبي، وأحد أبطال ثورة 14 أكتوبر المجيدة ضد الاستعمار البريطاني. انخرط منذ شبابه المبكر في صفوف النضال الوطني، وكان من الرعيل الأول الذي نذر حياته لقضية الوطن، فقاتل بالكلمة والسلاح، وكان صوته عاليًا في وجه القهر والظلم حتا أرتاد جريحآ حيث كان بجانبه المناضل العميد علي محمد قاسم وزملائة المناضلين في الشيخ عثمان عدن.
لم يعرف التراجع، ولم يساوم على المبدأ. حمل همّ الوطن في قلبه، وجعل من نفسه جسرًا تعبر عليه أجيالٌ من الأمل والحرية.
الشاعر الذي نطق باسم الأرض والناس.
لم يكن أبا يحيى مناضلًا فقط، بل كان شاعرًا كبيرًا، يكتب من وجدان الأرض، ويتنفس من نبض الناس. كانت قصائده مرآةً لصوته الداخلي، ونبضًا للأرض التي أحبها، وصدىً لحكايات البسطاء والمنسيين.
كتب في الحب كما كتب في الثورة، وجعل من الشعر رسالة لا تقل أهمية عن البندقية. كان صوته قويًّا، صادقًا، لا يعرف المجاملة ولا يخاف في الحق لومة لائم.
كلسام وكلد يافع تبكي فارسها.
برحيل أبا يحيى، فقدت منطقة كلسام ومكتب كلد يافع أحد أبنائها الأوفياء، أحد رجالها الذين وقفوا في الخطوط الأولى يوم اشتدت المحن، وكان لهم الدور البارز في أصعب المراحل السياسية والعسكرية. كان مرجعًا اجتماعيًا، ورمزًا للخير والإصلاح بين الناس، يجمع ولا يفرّق، ويُصلح ولا يُفسد.
لم يكن أبا يحيى ، يطمح لمكانة، ولا يسعى لمجدٍ شخصي، بل كان يرى في خدمة الناس والوطن قمة المجد، وكان دائمًا يردد:
اتمناء للجميع دوام الصحه والعافيه..أودعه وانا احتفظ بشهاده القيادي والمناظل الجسور محسن عبد اليوسفي وكذلك شهاده احد المناظلين الاحرار اللذي عاشروه منذو ستينات القرن الماضي العميد علي محمد قاسم اليوسفي مستشار وزير الدفاع الاسبق وكذلك شهاده العميد زين الشيبه أحد ابطال الثوره واحد الوجهات ذات الوزن الثقيل وعدد من القيادات والمسؤولين وعدد كبير من رفاق السلاح والمناظلين
وداعك يا أبا يحيى، موجِع، لكننا نرفع رؤوسنا بك، بما أنجزته، بما علّمتنا، بما تركته فينا من قيم، ومن أثر لا يُمحى.
ستبقى قصائدك في الذاكرة، ومواقفك في التاريخ، وسيرتك في القلوب.
اللهم ارحمة رحمةً واسعة، وأسكنه فسيح جناتك، واجعل قبره روضةً من رياض الجنة،
اللهم آمين يارب العالمين
إنا لله وإنا إليه راجعون.