عبارة" بسيطة تحمل في طياتها معاني عميقة من التعاطف، هي فنٌ يرمم القلوب، ويجبر كسور الأرواح، ويضيء دروب اليائسين.
جبر الخواطر هو أن تمد يد العون لمن ضاقت به السبل، أن تمسح دمعة يتيم، أن تخفف عن موجوع، أو أن تبتسم في وجه عابس. هو أن تكون سنداً لمن اهتزت ثقته بنفسه، وأن تمنح كلمة طيبة تشعل شرارة الأمل في صدر من أطفأ اليأس نور قلبه. إنها تلك اللمسة الحانية، والكلمة الصادقة، والنظرة الدافئة التي تعيد التوازن إلى نفس مهزوزة.
ولعل أجمل ما في جبر الخواطر أنه لا يتطلب مالاً ولا جهداً خارقاً. قد يكون بابتسامة صادقة، أو سؤال عن الحال، أو كلمة تشجيع، أو حتى بالإنصات لمن يحتاج أن يفضفض. إنها أفعال تبدو بسيطة في ظاهرها، لكن مفعولها يفوق كل تقدير، فهي تزرع بذور الأمل في أرض اليأس، وتخلق جسوراً من المودة والتراحم بين الناس.
في ديننا الحنيف، حثّ الإسلام على جبر الخواطر وجعله من أعظم القربات. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا". وهذا الحديث الشريف يوضح بجلاء مكانة جبر الخواطر في بناء مجتمع متراحم ومتكافل.
في مجتمعاتنا اليوم، ومع تزايد الضغوط والتحديات، تبرز الحاجة الملحة إلى إحياء هذا الفن الإنساني النبيل. فكم من شخص يعيش في صمت، يكابد آلامه وحيداً، ويحتاج فقط إلى من يربت على كتفه، ويشعره بأنه ليس وحده في هذه المعركة. جبر الخواطر هو البلسم الذي يداوي جراح الروح، وهو النور الذي يبدد ظلام اليأس، وهو الجسر الذي يعبر بنا إلى عالم أكثر إنسانية وتراحماً.
فلنجعل من جبر الخواطر منهج حياة، ولنحرص على أن نكون مصدراً للسعادة والأمل لمن حولنا. ففي جبر خواطر الآخرين، نجد سعادة لا تضاهيها سعادة، ونترك بصمة خير لا تمحوها الأيام.