لا شك أن المرحلة التي يمر بها شعبنا الجنوبي، منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية التحررية في العام 2007م، وحتى يومنا هذا، وما تخلَّلَها من منعطفات وتحولات جسام، قد أبرزت واقعًا جديدًا على مستوى الساحة الجنوبية، وأظهرت شخصيات برزت أسماؤها بحضورٍ لافت في الدفاع عن الجنوب وسيادة أرضه. وكان له حضورٌ فعّال في ميادين الشرف والنضال، جنبًا إلى جنب مع القائد عيدروس الزبيدي وقيادات عسكرية منذ اللحظة الأولى. حضورٌ جمع بين حماسة الشاب الواعد وحكمة القائد المتمرِّس، رغم صغر سنه بين عمالقة القيادة.
إنها شخصية الشاب المناضل مؤمن السقاف، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، والرئيس التنفيذي للمجلس الانتقالي في العاصمة عدن. ذلك القائد الواعد الذي ذاق مرارة النضال في لهيب المواجهة والمطاردات من قبل قوات الاحتلال اليمني، ليسجِّل فصلاً بطولياً خالداً، جسَّد فيه شجاعة الأشاوس وصبر الأتقياء على تحمُّل المشاق والتحديات في سبيل قضية شعب الجنوب. ولم يكن ذلك فحسب، بل كان عند مستوى المسؤولية حين أُسندت إليه مهمة قيادة دائرة الشباب والرياضة في الأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي، فكان خير سفيرٍ للشباب في حمل هذه الأمانة على كاهله. لقد لعب دوراً محورياً في إنعاش الرياضة والأندية الجنوبية، والعمل في أوساط الشباب والطلاب، ليكون حاضراً بقوة في ميادين البناء والتنظيم لمسارات طالما حاولت قوى الاحتلال طمسها وتدميرها.
لم يكن هذا الأمر هيِّنًا، وقد أدركت ذلك عن قُرب عندما كنت مديراً لإدارة الشباب والطلاب بالمجلس الانتقالي في محافظة أبين. فكان ذلك القائد المُربِّي الذي يعمل بإستراتيجية واضحة لإعادة الروح للرياضة، وإحياء الأمل في نفوس شباب كل المحافظات. لم يكن مجرد شابٍ عادي، بل كان عقلاً استثنائياً يجمع بين رصانة الحكمة وحماسة الشباب، وكاريزما القائد الذي يخطّط بعمق ويتحرك بحكمة. يعمل بهدوء وثبات، بعيداً عن ضجيج الإعلام والتسويق الدعائي، وما نشهده اليوم من نهضة رياضية حقيقية في الجنوب وعودة حماسها هو خير شاهد على ذلك.
تقلَّد منصباً رفيعاً_ عضو في هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، ورئيس القيادة المحلية لانتقالي العاصمة عدن، لكنه لم يكلَّ ولم يملَّ، فطموحه كان أكبر من المنصب، وأوسع من المكان. ظلَّ حلمه في دولة جنوبية عزيزة يوقِد شعلة التحدي في نفسه، فكان مثالاً للقائد الذي لا يعرف المستحيل. وعلى الرغم من المرض الذي لازمه لسنوات وأضعف جسده النحيل، إلا أن إرادته ظلَّت صامدة، كالجبل الأشمّ، حاضرة في كل المواقف والمنعطفات، نراه دوماً في الصفوف الأولى، مقتحماً بعزيمة لا تلين. فهنيئاً لك ثقة القيادة، وهنيئاً للقيادة بقائدٍ مثلك. أنت أجدرُ بتمثيل الشباب في هذا المقام الرفيع، فقد حوَّلت التحديات إلى فرص، والمعوقات إلى سُلَّم للصعود.
لقد جمعتني بهذه الشخصية الفذَّة سنوات من العمل حين تولَّيت قيادة إدارة الشباب والرياضة في انتقالي أبين، فكان مدرسةً في القيادة والإنسانية. تعلَّمت منه الصبر الأسطوري، والثبات على المبدأ، والنظر بعين الأمل نحو آفاق المستقبل لصنع غدٍ مشرق للشباب. وليست كلماتي هذه التي أكتبها اليوم في هذه السطور المتواضعة، وأنا على فراش المرض في مصر الحبيبة لأجري عملية جراحية في العمود الفقري، لِتُجازي حقَّه مهما بلغت، ولكنه الواجب الذي يحتم علينا أن نُعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه. وهو استحضارٌ متواضع لدوره الكبير، وبنائه المتقن الذي شيَّدته هذه القامة القيادية الشامخة. فهو رمزٌ من رموز الجنوب، وحاملٌ لواء الأمل في صدور الشباب.
فيجب علينا، معشر الشباب، أن نقف إلى جانبه وندعمه، فهو الجسر الذي عبرنا به من اليأس إلى الأمل، ومن التشتت إلى الوحدة. فهو خير من مثَّل طموحاتنا، وخير من ناضل وعاصر المراحل كافة حتى ارتقى إلى هذا المنصب الرفيع، حاملاً معه هموم شعبه وآمال غده. فليبقَ نبراساً يضيء الدرب، وليظلَّ نموذجاً يُحتذى في العطاء والتضحية.