آخر تحديث للموقع : الخميس - 07 أغسطس 2025 - 04:48 م

كتابات


ماذا تقصد

الأربعاء - 06 أغسطس 2025 - 11:18 م بتوقيت عدن

ماذا تقصد

نبا نيوز /حسين أحمد الكلدي


كنت في يوم من الأيام في رحلات عمل دائمة خارج حدود الوطن، برفقة صديق يرافقني في العمل طيلة الوقت. فنحن نسكن، ونسافر، ونعمل معًا. وخلال السفر، كنا نتحدث وندخل في نقاشات مواضيع متعددة. ولكن، كلما تحدثتُ معه، بعد برهة، يسألني: "ماذا تقصد؟"، ولا يود ان يتركها تمر بسلام حتى لمره واحدة ، بل يكررها دائمًا: "ماذا تقصد؟" فأصبح الأمر بالنسبة لي ثقيلًا؛ إذ لا بد من التوضيح المستمر وكشف كل شيء، حتى النوايا التي في الاساس لاتوجد . فلم يناسبني هذا النمط من الشكوى الدائمة، فبادرته ذات يوم قائلًا له : "أرجو أن تعفيني من أي جواب على سؤالك المتكرر، وبناءً على ذلك، أرجو أن تتكفّل بكل الأجوبة بنفسك نيابة عني، حسب فهمك. وإذا رأيتَ أن ذلك لا يناسبك، فلا تُصادق من لا تفهمه، أو تشك في ما ينويه او يقوله على الدوام."وقد لاحظت أن كثيرًا من الناس يُضيّعون وقتًا ثمينًا وموارد قيّمة في التساؤل عما ينويه الطرف الآخر، ان كان في العمل او الحياة. ويفترضون ضد أنفسهم، ثم يتخذون قراراتهم بناءً على تلك الشكوك والافتراضات. فبعض الناس يستمرون في الافتراضات عما يجهلون، ويصدرون أحكامًا مسبقة بدلًا من محاولة البحث ومعرفة الحقيقة، فالشك والريبة يؤدي إلى قرارات سيئة مبنية على أوهام أو آراء الآخرين. ولهذا، بدلًا من ذلك الشك . الأفضل دراسة المشكلة عن قرب، والتحقق منها، لأن ذلك يُمكنك من اتخاذ القرار السليم، بناءً على النتائج وما هو حقيقي. وفي هذا السياق، أستحضر تجربة عشناها عندما كان لدينا مجموعة تعمل على مشروع خيري، يهدف إلى تطوير طريق حيوي في منطقة ما فهي بحاجة ماسة لتلك الطريق . لكن، للأسف، كانت الشكوك متبادلة بين أفراد المجموعة، وكان كل طرف يخشى الآخر، دون التحقق من النوايا الحسنة التي يحملها كل طرف تجاه الجميع. فنتج عن ذلك مشاكل وشكاوى متكررة دون معرفة الحقيقة او ماهي الشكوك التي يحملها كل طرف ومن هنا أدركت أن ما حدث كان نتيجة سوء فهم من الطرفين لذلك، من المهم أن نتخذ خطوة حاسمة في التواصل لفهم ما يقصده الآخرون؛ فذلك يُقوّي العلاقات، سواء في العمل او على مستوى الأفراد أو المجتمعات، فذلك يحسن الإنتاجية والحياة العامة. ويجعل من الفرد أو المجموعة طرفًا أكثر نضجًا في إدارة العلاقات وبناء التفاهم والتوصل لحلول وقواصم مشتركة. قال إدواردز ديمنغ: "إن أول 15% من عمر أي مشروع هي الأهم، فهي المرحلة التي تحتاج فيها إلى الاستيضاح، وجمع البيانات، والتحقق من الأمور." فبهذا، تُحدد كيفية التعامل مع الطرف الآخر، وآلية حل النزاعات إن وجدت، واستراتيجية الانسحاب إذا قرر أحد الطرفين المغادرة، وماهي المعايير التي تُلزم الطرفين في حال أخلّ أحدهما بالصفقة. ومن هذا نتعلم أن الناس غالبًا ما يُكوّنون افتراضات خاطئة دون التحقق منها. وقد قال ديمنغ أيضًا: إن 15% فقط من مشكلات الجودة تعود إلى أخطاء العمال، بينما 85% منها تقع على عاتق الإدارة." وهذا يعني أن الإدارة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في تحسين الجودة وتقليل الأخطاء. فأخطاؤنا في معظم الأحيان تعود لاعتمادنا على الشك، ولهذا، ينبغي دائمًا التحقق من الأمور قبل أن ينتابنا الشك، لأن ذلك يساعد في تحقيق النجاح، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.