كشفت دراسة علمية جديدة أن الوعي البشري قد لا ينشأ في مقدمة الدماغ كما كانت تشير النظريات السابقة، بل في المناطق الحسية الخلفية التي تعالج الرؤية والسمع، في نتيجة قد تعيد رسم فهم العلماء لجوهر الإدراك البشري.
الدراسة، التي نُشرت في مجلة نيتشر العلمية، أجريت على 256 شخصًا في 12 مختبرا مختلفا بأمريكا وأوروبا والصين، حيث تم رصد نشاط الدماغ أثناء مشاهدة صور مختلفة. وأظهرت القياسات أن النشاط المرتبط بالوعي كان أكثر وضوحًا في القشرة الخلفية للدماغ، وليس في القشرة الجبهية الأمامية التي لطالما ارتبطت بالوظائف العقلية العليا.
وقال عالم الأعصاب كريستوف كوك، أحد المشرفين على الدراسة: "تظهر الأدلة بشكل قاطع أن الوعي لا ينبع من القشرة الأمامية كما كنا نظن، بل من المناطق الخلفية المسؤولة عن الحواس"، مشيرًا إلى أن هذا الاكتشاف قد يغيّر طريقة التعامل مع حالات مثل الغيبوبة أو فقدان الوعي.
واختبرت الدراسة نظريتين شائعتين: نظرية "مساحة العمل العصبية" التي تفترض أن الوعي يبدأ في مقدمة الدماغ، ونظرية "المعلومات المتكاملة" التي تركز على تفاعل مختلف مناطق الدماغ. إلا أن النتائج لم تتفق تمامًا مع أي منهما.
وأكد كوك أن الفهم الجديد لمركز الوعي قد يكون له تطبيقات طبية واسعة، خاصة في تشخيص حالات المرضى الذين يعانون من غيبوبة أو "حالة اليقظة بلا استجابة"، والتي قد تُخطئ الأجهزة التقليدية في تصنيفها كغياب تام للوعي.
وأوضح أن بعض المرضى في هذه الحالة يكونون واعين بدرجة ما، لكنهم غير قادرين على الاستجابة أو الإشارة لذلك، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى سحب العلاج منهم قبل التأكد من حالتهم.
وختم كوك بالقول: "تحديد علامات الوعي بدقة سيمكننا من رصد هذا الشكل الخفي من الوجود... حيث يكون الإنسان واعيًا لكنه محاصر في جسد لا يستطيع التعبير به".