آخر تحديث للموقع : الثلاثاء - 16 ديسمبر 2025 - 03:10 م

كتابات


30 نوفمبر… يومٌ تكتب فيه الأرض سيرتها بمداد الحرية

السبت - 29 نوفمبر 2025 - 09:53 م بتوقيت عدن

30 نوفمبر… يومٌ تكتب فيه الأرض سيرتها بمداد الحرية

نبا نيوز /د.مريم العفيف


في التاريخ لحظات لا تشبه غيرها؛ لحظاتٌ تنتفض فيها الجغرافيا من صمتها، وتعلن أن للكرامة صوتاً يعلو فوق ركام القرون.
وثلاثون نوفمبر واحدة من تلك اللحظات التي لا تُؤرَّخُ بالسنوات، بل تُخلَّد في وجدان الشعوب كوميضٍ يدلّ على الطريق حين يلتبس الدرب.
إن الجنوب — هذه الرقعة التي ارتوت بتعب الأجيال وعرق المقاتلين وأحلام الشعراء — لم يكن يوماً مجرد أرض. كان دائماً وعياً حيّاً يقاوم كي يظل نفسه، ويثور كي لا يتحوّل إلى ظلٍّ باهتٍ في خرائط الآخرين.
وفي هذا اليوم، ينهض السؤال الأزلي للإنسان الحر:
كيف يحيا من لا يملك حريته؟ وكيف يتنفس من سُلبت منه هويته؟
لقد علّمنا الجنوب أن الحرية ليست حدثاً سياسياً، ولا شعاراً يرفعه الخائفون، بل نظامٌ أخلاقي يبدأ من الداخل، من ذلك الجزء العميق في الروح الذي يرفض الانحناء ولو تكاثفت الرياح.
ومن هنا جاء 30 نوفمبر ليقول: إن الشعوب التي تعرف حقيقتها، لا يغلبها أحد، وإن الطريق نحو الاستقلال الثاني بإذن الله تعالى هو امتدادٌ لخطٍّ لم ينقطع منذ فجر الكفاح الأول.
إننا — ونحن نطوي صفحة عامٍ ونفتح أخرى — لا نحتفل بذكرى، بل نحتفل بجدارة الاستمرار.
نحتفل بمن شقّوا الطرق الوعرة ليصلنا الضوء، وبمن قرروا أن الجنوب ليس مجرد أرض، بل حالة وجودية تستحق أن تبقى، وأن تُحترم، وأن تُحمى.
وليس في العالم فلسفةٌ أعظم من فلسفة الإنسان الجنوبي حين يستعيد حريته:
فهو لا يرفع السلاح ليغلب الآخر، بل ليحمي حقَّه في أن يكون ذاته، ولا يرفع صوته ليصنع ضجيجاً، بل ليضع حجراً آخر في بناء وطنٍ يُعاش فيه بكرامة.
وفي كل 30 نوفمبر، يعيد الجنوب التذكير بأن الحرية ليست هدية، بل مسؤولية.
وأن الهوية ليست شعاراً، بل فعلُ مقاومةٍ يومي.
وأن الوطن ليس ذاكرةً فقط، بل مستقبلٌ يُعاد تشكيله كل صباح.
فليكن هذا اليوم إعلاناً جديداً:
أن الجنوب باقٍ… وأنه ماضٍ نحو استقلاله الثاني بإذن الله تعالى؛ لأنه وُلد من فكرةٍ لا تموت، ومن إرادةٍ لا تُكسر، ومن إنسانٍ يعرف معنى أن يكون حراً.