الحقيقة أن مشروع سد حسان الاستراتيجي يعد واحداً من المشاريع الحيوية الكبرى على مستوى الجنوب بشكل عام، فهو صرح شامخ يُحتذى به. ويُعد إنجاز مشروع ضخم كمشروع سد حسان، الذي يعود على المنطقة والمزارعين بفوائد جليلة من حيث تعزيز المخزون المائي، وتوفير مياه ري للأراضي الزراعية، وتوسعة رقعة استصلاح الأراضي التي ظلت بوراً لسنوات عجاف، إنجازاً تاريخياً يستحق الإشادة.
قبل أيام، انطلقت أعمال تسفلت الطريق الدائري الحصن- سد حسان، والممول من دولة الإمارات العربية المتحدة، ذلك الإنجاز الذي يُكمل حلقات ميزانية مشروع سد حسان. ويحمل هذا النجاح في طياته هدفين استراتيجيين: الأول يتمثل في العوائد التنموية الضخمة التي يمنحها مشروع السد للمنطقة ولمزارعيها ولقطاع الزراعة بشكل عام. أما الهدف الثاني، فتمثل في مرور خط الإسفلت بأطراف مدينة الحصن، مما منحها دفعة تنموية هائلة، تمهيداً لتوسعة المدينة وتمهيد الطريق لولادة مدينة جديدة واعدة في المستقبل القريب.
والأمر الجوهري الذي أود التطرق إليه، وهو صلب هذا المقال، أن أي مشروع كبير كمشروع سد حسان هو مشروع حيوي عابر، ونجاحه هو نجاح للمنطقة بأسرها في المقام الأول، حيث يُدر على المناطق المجاورة له مشاريع خدمية تعكس الأثر الإيجابي لوجوده. فعلى سبيل المثال، لم يكن تسفلت الخط الدائري من المشروع ليكتمل نفعه إلا باستكمال سفلتة الخط الرئيسي من جعار حتى باتيس. لذا، فإن على القيادة العليا والسلطة المحلية في أبين، أن تلتفت إلى المعاناة التي يعيشها أبناء مناطق الحصن وباتيس والمناطق المجاورة منذ عقد ونيف، من حوادث سير مأساوية راح ضحيتها العشرات، بسبب الطريق الذي تجاوز عمره الافتراضي، وأصبح كله تشققات وحفريات، يشكل خطراً داهماً وتهديداً صريحاً لكل مار.
فالرسالة التي أتوجه بها إلى الجهات المسؤولة والقيادات العليا، أنه لا يُعقل أن يُهتم بتعبيد جزء من الطريق ويُترك الشريان الرئيسي مهملاً لسنوات طوال. وأتمنى أن تصل رسالتي، وأن يدركها أصحاب الشأن، أن طريق جعار- باتيس لم يعد مجرد طريق عادي، بل أصبح شرياناً رئيسياً وحيوياً يربط مديريات يافع ومعملي الاسمنت، ومناطق كبيرة في تعدادها السكاني والصناعي والتجاري، هذا فضلاً عن أهميته البالغة كونه مرتبطاً بمشروع سد حسان التاريخي، الذي يعلق أبناء أبين والزراعة في المحافظة عليه آمالاً عريضة في إعادة إحياء المجد الزراعي، وإعادة وهج الزراعة إلى عهدها الذهبي الباسم.
والرسالة الأخيرة: إن إنجاز مشروع سد حسان العملاق هو إنجاز لأبين والجنوب عامة، يعود بالخير والازدهار على مستقبل أبين. فلا يُهمل مشروع على حساب مشروع آخر، فنجاح المشاريع العملاقة يقترن بربطها بمشاريع أخرى تكملها، وهذه هي فلسفة النجاح الحقيقية، وهذا هو السر الكامن وراء أي تنمية مستدامة وطفرة حقيقية تزهر بها أبين – إذا أردنا النجاح بتوجه حقيقي يخدم أبين وأهلها.