آخر تحديث للموقع : الأحد - 22 يونيو 2025 - 08:38 م

مقالات


هل دول الخليج ... هي اللاعب الصامت في صراع إيران وإسرائيل ..؟

الأحد - 22 يونيو 2025 - الساعة 04:41 م

زيد ابن يافع
الكاتب: زيد ابن يافع - ارشيف الكاتب




قد يبدو مستبعدًا للوهلة الأولى أن تُعدّ دول الخليج لاعبًا رئيسيًا في الحرب القائمة بين إسرائيل وإيران ، لكن التمعّن في مسار السياسة الأمريكية في عهد دونالد ترامب يُظهر أن هذا التصور ليس مبالغًا فيه ، بل أقرب ما يكون إلى الواقع ..
ترامب ، الذي لم يخفِ يومًا ازدراءه للسياسات التقليدية التي انتهجها أسلافه من رؤساء الولايات المتحدة ، طالما صرح علنًا بأنه ضد "العقيدة الأمريكية القديمة" التي أرهقت واشنطن بتحالفات لم تعد تجلب سوى الفوضى والدماء والمزيد من الأعباء. ومنذ لحظة توليه الرئاسة ، أعلن أنه يؤمن بضرورة تغيير جذري في توجهات الدولة ، واستبدال تلك التحالفات التقليدية المتوارثة بتحالفات جديدة قائمة على المصالح الاقتصادية لا على الشعارات الأيديولوجية أو الالتزامات التاريخية ..

ومن هنا ، لم يكن اختيار الرياض كأول محطة خارجية له خلال ولايته الأولى مجرد صدفة بروتوكولية .. بل كانت إشارة واضحة إلى فتح صفحة جديدة مع الخليج العربي ، تقوم على التعاون الاقتصادي ، والاستفادة من الرؤية المستقبلية لدوله .. وبداية ولايته الثانية ، كرّر الرسالة ذاتها عبر بوابة الخليج مجددًا ، متجاهلًا الحلفاء التقليديين الذين لم يعودوا - من وجهة نظره - يمثلون إضافة اقتصادية حقيقية لأمريكا ..

دول الخليج بدورها ، أدركت مبكرًا أن المشروع النووي الإيراني والغطرسة الإسرائيلية في المنطقة يمثلان وجهين لتهديد واحد لأمنها القومي واستقرارها السياسي وهذا ما صرح به الأمير محمد بن سلمان قبل ايام اثناء لقاءه ب ترامب .. فالخليج لا يربط أمنه بتحالفات عاطفية ، بل بتحقيق التوازن وضمان مستقبل آمن لشعوبه ، وهو ما جعله أكثر تقاربًا مع نهج ترامب البراغماتي القائم على المكاسب المتبادلة ..

ومن زاوية أخرى ، فإن ترامب الذي يرى في الانفتاح على الخليج فرصة ذهبية لتعزيز الاقتصاد الأمريكي ، لم يعد يجد في التحالف غير المشروط مع إسرائيل ما يحقق المنفعة لبلاده .. بل يرى أن الدعم المطلق لتل أبيب جرّ الولايات المتحدة إلى صراعات لا طائل منها ، وأضرّ بمكانتها الإقليمية ، وأفقدها حرية المناورة ..
في ضوء كل ذلك ، من المستفيد من إضعاف إيران وكبح تمادي إسرائيل ..؟ من الواضح أن الخليج ، برؤيته الاستراتيجية ونموه الاقتصادي المتسارع ، هو الرابح الأكبر .. وقد وجد في سياسة ترامب أرضًا خصبة لبناء تحالفات جديدة قائمة على المصالح الصريحة ، لا على المعتقدات ولا على الولاءات التاريخية ..

الخلاصة : لم يعد الخليج مجرد متلقٍ لتبعات الصراعات ، بل بات جزءًا أصيلًا من إعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية للمنطقة ، وشريكًا مؤثرًا في لعبة التوازنات الكبرى ..