آخر تحديث للموقع : الأحد - 18 مايو 2025 - 12:53 م

مقالات


ما الذي يجري في عدن؟!

الأحد - 18 مايو 2025 - الساعة 01:20 ص

عيدروس النقيب
الكاتب: عيدروس النقيب - ارشيف الكاتب



تتعدد التسريبات والتفسيرات لما شهدته اليوم (السبت 17 مايو 2024م) مدينة عدن، من تظاهرات انتهت بالمواجهة بين بعض المتظاهرين مع البعض الآخر واشتباك البعض مع رجال الأمن والوصول إلى إطلاق النار من قبل رجال الأمن للتصدي لما قال البعض إنه قذف بعض المتظاهرين لرجال الأمن بالحجارة وقوارير الماء، لكن ما يمكن التأكيد عليه هنا هو الآتي:
1. التظاهر والاحتجاج حق مشروع لكل الناس وحينما يوصل الأمر بالبلاد إلى هذا المستوى من التدهور والانهيار والاقتراب من حافة الهاوية فإن الاحتجاج على سوء الأحوال لم يعد أمراً مستغرباً، بل المستغرب هو صبر الناس على هذه االأوضاع المهينة والمشينة التي لم يعرفها الجنوب والجنوبيون طوال تاريخهم، والتي لا تليق بكرامة الإنسان، مهما كانت الأسباب والظروف .
2. قرأت أخباراً عن صدور بيان من قياة أمن محافظة عدن يفيد بمنع أي تظاهرات أو مظاهر احتجاجية حفاظاً على الأمن وهو أمر لم أكن أتمنى أن يحصل لأن مسؤولية أجهزة الأمن هي حماية المحتجين والمتظاهرين من حصول ما يخل بالأمن وليس منع الاحتجاج والتظاهر.
3. احتمال حصول حالات شغب وتخريب من قبل هواة إفساد الطابع السلمي لأي عمل احتجاجي أمرٌ كان وارداً لكن الوقاية من هكذا احتمال تقتضي اتخاذ تدابير حذرة وبمهارة قبل حصول مثل هذا السلوك وتحاشي الوصول إلى المواجهة المسلحة مع المحتجين إلا في حالات الضرورة القصوى فقط.
4. الاشتباك من قبل البعض مع من يحملون العلم الجنوبي، رمز الجنوب وعنوان هويته، أمر مرفوض ومدان ومثل هذا السلوك لن يقدم عليه إلا من يعمل لصالح بقايا نظام 7/7 وبذلك فمثل هذا العمل مدان مستبقا مهما كانت حجة من يقدم عليه.
5. وعطفاً على ذلك لا بد أن يعرف الجميع، وعلى رأسهم الساخطون على المجلس الانتقالي أو على بعض قياداته، عليهم أن يعلموا أن العلم الجنوبي ليس علم المجلس الانتقالي وحده، وتحت هذا العلم سقط آلاف الشهداء وأضعافهم من الجرحى، ومن يرفض وجود العلم الجنوب إنما يهين الشهداء والجرحى ومعهم ملايين المواطنين الجنوبيين المتمسكين بهويتهم وحقهم في استعادة دولتهم.
6. إذا صدقت الأنباء المتحدثة عن وجود جماعات مدعومة من رئيس الوزراء السابق (المفترض تقديمه للمحاكمة) معين عبد الملك، فإن الأمر يغدو واضحا بأن هذه الجماعات قد انتقلت من موقع المتهم بالحرب على عدن والجنوب عامة وتجويع أبنائه إلى تشويه الفعاليات الاحتجاجية والانتقام من الشعب الجنوبي الذي أسقط هذا الرجل الفاسد والمتهم بتهم تصل إلى مستوى الإجرام، وبالتالي فالمطلوب التحقيق في دقة هذه المعلومات وتقديم هذه المجاميع للمساءلة وعرضهم على القضاء خصوصاً إذا ما ثبت أنهم هم من يقفون وراء الاعتداء على رجال الأمن؟.
7. هناك من أفاد بأد غالبية المحتجين هم من أنصار المجلس الانتقالي، ورفعوا شعار الانتقالي، بل هناك من قال إن المجلس الانتقالي هو من أوعز لقواعده بتبني هذه الفعالية، وإذا ما صح هذا القول فإن المجلس الانتقالي يقف أمام مفترق طريقين هما:
أ‌. إما الخروج من سلطات الشراكة المختلة والبائسة التي أوصلت الشعب الجنوبي إلى هذه الحالة من الإملاق والمجاعة السافرة، لأنه من غير الممكن أن يكون المجلس شريكاً في السلطة التي تكرس هذه السياسات ثم يدعو جماهيره للاحتجاج عليها وبالتالي يكون من حق المجلس أن يمارس المعارضة السلمية ويعقلنها ويحافظ على مضمونها المدني الخلاق وبلوغها غاياتها من خلال المعارضة السلمية؛
ب‌. وإما تحويل هذه الشراكة باتجاه معالجة شاملة لأزمة الخدمات وحرب التجويع التي تمارسها سلطات رشاد العليمي وشركائه مواصلة للنهج المستمر منذ حكومة بن دغر حتى حكومة بن مبارك، وهي امتداد لسياسات سلطات 7/7 والتي لم تتغير إلَّا من السيء إلى الأسوأ.
* * *
في ضوء حديثي المباشر يوم أمس الجمعة حول التظاهرات النسوية دوافعها وخلفياتها، سألني أحد الزملاء الإعلاميين من خلال التعليق المكتوب عما هو مطلوب من المجلس الانتقالي الجنوبي في هذه الظروف السياسية الملتبسة والمعقدة وكان ردي كما يلي:
في الحقيقة إن كل حديثنا عن الشراكة غير السوية وعن مكانة ودور المجلس الانتقالي الجنوبي فيها وعن دوره المرتقب ينبع من حرصنا على أهمية ومحورية الدور المطلوب من المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة سياسية جنوبية لا يمكن تغييبها أو تجاهلها في معالجة الأزمات التي يعاني منها الجنوب، بما في ذلك الحل النهائي للقضية الجنوبية.
ونظرا لوجود المجلس الانتقالي في سلطة الشراكة هذه فإن مكانة المجلس الانتقالي لا ينبغي أن تكون مكانة الشريك الأضعف أو الأقل حضوراً بل إنه القوة المحورية والبقية مجرد شركاء طارئين، لأن المجلس (باعتباره الأكثر تعبيراً عن تطلعات ومطالب الشعب الجنوبي) هو صاحب الأرض والحاضنة الجماهيرية والموارد الاقتصادية والمالية، والنصر العسكري والقوة الأمنية والعسكرية المنتشرة على الساحة الجنوبية، أما بقية الشركاء فهم أشبه بالضيوف المؤقتين، وليس لأحد منهم مشروعٌ في الجنوب، إلا مشروع الاحتلال وتأبيد نتائج حرب 1994م.
يستطيع المجلس الانتقالي أن يضاعف حضوره في الوزارة من خلال زيادة عدد الوزراء وحتى اختيار رئيس وزراء متبني للقضية الجنوبية ويستحسن أن يكون من القيادات النزيهة والماهرة في المجلس الانتقالي، لكنه حتى وبهذه البنية غير السوية للسلطة الشرعية، يستطيع المجلس ومن خلال كتلته الوزارية فرض مجموعة من مشاريع القوانين والإجراءات الإدارية والمراسيم التنفيذية التي تحمي الجنوب والجنوبيين من الحرب المعلنة عليهم من قبل شركاء الشرعية، سواء في ما يتعلق بحماية المال العام أو الممتلكات العامة ومحاربة الفساد وتحسين استخدام الموارد وتخفيف معاناة الجنوبيين في مجال الخدمات والقضايا المعيشية ومحاربة التضخم وحماية العملة من الانهياروخلق بيئة استثمارية تفتح سوق العمل وتحسن عملية الدورة الاقتصادية والحركة السياحية وغيرها من المجالات.
كل هذا يستدعي أن يستعين المجلس بفريق من الأخصائيين القانونيين والاقتصاديين والماليين وخبراء السياسة والمال والأعمال ومن رجال القانون الدولي والعلاقات الدولية والدبلوماسيين والخبراء في التفاوض والحوار مع الآخر صديقا كان أو خصماً.
وأخيراً
إن تحدي تغيير الأوضاع المأساوية التي يعيشها الجنوبيون يمثل مسؤولية في غاية الخطورة والجسامة والجدية، ويقع على الجميع وعلى رأس هذا الجميع قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ووزراؤه وبقية هيئاته،
وعلى المجلس الانتقالي أن يعمل على كل الجبهات من أجل رفع المعاناة عن المواطنين الجنوبيين واستعادة ثقة قاعدته الجماهيرية التي منحته التفويض ذات يوم وتتطلع منه أن يكون عند مستوى هذا التفويض،
وفي هذا الإطار يقف المجلس أمام تحديين:
الأول: مراجعة مستوى أداء هيئاته وممثليه في الهيئات الحكومية والسياسية؛
والثاني: ضبط سلوك وتصريحات وأقاويل بعض من يتحدثون باسمه ويسيؤون إلى جماهيره وأنصاره ممن يكتوون بنيران العذابات المتواصلة ويتحملون كل هذا حفاظاً على مواصلة المشروع الجنوبي مراهنين على وفاء المجلس الانتقالي بشعاراته وأهدافه المعلنة.
والله المستعان على كل حال